الخميس، 2 أكتوبر 2014

مشهد من حياة عفريت فى جانب النجوم (من وحى قصص ما وراء الطبيعة لد. أحمد خالد توفيق)


النهاردة و أنا سايق التنين الصغير بتاعى على طريق جبال جهنم ورايح على رأس بعلزبول من ناحية سهل اللعنات كده، واحد بهيمة راكب جريفون فور باى فور فرك قدامى وكان فى بركة حمم على جنب الطريق بهدلى التنين من أوله لآخره. إضطريت أقف على جنب عند أول مغسلة وأغسل التنين كله من بره والعفريت ابن المؤذية اللى كان واقف ع المغسلة خد منى 30 قطعة ذهبية مرة واحدة.
مش عارف أنا آخرة الناس اللى بتمشى زى المجانين فى الشوارع دى إيه!
البلد دى بقت لا تطاق.
بيقولوا جانب الأقزام الزرقاء أحسن بكتير. بس العيشة فيه غالية.
يلا.. الحمد لله على كل حال.

الأربعاء، 1 أكتوبر 2014

المعركة الأخيرة - (مأخوذة عن حلم)

*بيب.. بيب.. بيب..*

لا أدرى كيف وصلت إلى هنا، وكيف أصبحت فى هذا الموقف الغريب. كأن ذاكرتى قد محيت تماما. فقط وجدت نفسى فى هذا المكان فى هذا الوقت.


*بيب.. بيب.. بيب..*


نظرت إلى حيث يصدر هذا الصوت الرتيب المكرر فوجدت أمامى شاشة سوداء كبيرة تظهر عليها من حين إلى آخر دوائر متحدة المركز صفراء باهتة اللون، تتردد مع تردد البيب المزعجة. وكان بجوارى على صف واحد مجموعة من الشاشات الأخرى التى يجلس أمامها مجموعة من الشباب مشعثى الشعر متسخى الثياب. يرتدون زيا لا هو بعسكرى ولا بمدنى. مزيج بائس من الملابس التى لا تليق ولا تمتزج. عرفت بشكل ما أننى فى غرفة الرادار الخاصة بمراقبة تحركات العدو الإسرائيلى. و بالقرب من مكان تمركزنا كانت محطة الكهرباء الوحيدة التى مازالت تعمل فى المدينة. وكانت مهمتنا هى حمايتها بكل الوسائل الممكنة.


كانت غرفة المراقبة عادية جدا لا يبدو عليها أى أثر للتحصين أو المناعة، هى غرفة المعيشة فى شقتك لو كانت غرفة معيشتك كبيرة بما يكفى لتسع خمسة عشر شخصا. تضيئها بعض المصابيح البيضاء الموزعة عشوائيا بين الحوائط والسقف، وتتراص شاشات التتبع والمراقبة بجوار بعضها البعض ملاصقة لأحد الجدران التى ملأتها الشقوق وتساقطت أجزاء من ملاطها هنا وهناك. وجلسنا نحن ننتظر أى إشارة إلى وجود تحركات معادية بالقرب من موقعنا.

فى طرف الغرفة كان هناك كرسى وحيد يجلس عليه رجل قذر المنظر، كث الشارب، مبعثر اللحية، عظيم البطن. يبدو كحميك لو كان حموك وغدا. أو يبدو كصاحب القهوة التى تسهر عليها ليلا لو كان صاحبها تاجر مخدرات متمرس. يرمقنا الرجل فى كراهية حقيقية من فترة إلى أخرى، كما لو أننا نحن السبب فى وجوده فى هذا المكان المقبض. يبدو أن الرجل كان لديه خطة ما للسفر إلى فرنسا وزيارة اللوفر، بل ربما كان يخطط لتسلق قمم الألب، لولا أن عدم كفائتنا أجبرته على التواجد هنا. هذا شخص مهم جدا بالتأكيد و أصطلحت على تسميته بالمشرف.


 كنت أنا أتولى مراقبة شاشة الرادار. بينما كان الشباب من حولى يقومون بدور ما فى تشغيل محطة الكهرباء نفسها. ولم يكن لدىَّ أدنى فكرة عما يجب أن أفعله إذا ظهرت نقاط تتحرك على هذه الشاشة السوداء اللعينة. التوتر يعصف بعقلى فأتخيل نقاطا نابضة من حين إلى آخر، ثم أجد أنه لا شيء هناك. لم يخبرنى أحد ماذا يجب أن أفعل. أمامى مئات الأزرار التى لا أعرف عنها شيئا. هل المطلوب منى مثلا أن أصرخ و أولول حين أرى تحركات للعدو؟ أم هل من المفترض أن أهرع إلى المحطة بنفسى حاملا إحدى البنادق الآلية التى تستند إلى الحائط الآخر خلفنا وأقاوم الهجوم بنفسى؟ لا أحب أن أجلس هكذا بلا فائدة وألا أفهم ما المطلوب منى بالضبط.


وفجأة حدث ما كنت أخشاه تماما. دبت الحياة فى الشاشة أمامى فعلا هذه المرة. عشرات النقاط النابضة تقترب من موقعنا من كل الجهات، بعضها كبير توقعت أنها دبابات أو مدرعات من نوع ما، وبعضها صغيرويتحرك بعشوائية تشى بأنهم جنود مشاة.
قفز قلبى إلى حلقى و فقدت القدرة لحظيا على الحركة، بل على التنفس أصلا، ثم قمت من مكانى أشير كالأبله إلى مشرف الغرفة ليأتى ويرى ما يجرى.  تحرك اللعين ببطء كأنه ديناصور أحفورى كره أن يزيح أحدهم عنه رمال الصحراء. ثم ما أن اقترب من الشاشة ورأى ما كان يجرى حتى تحول إلى أخطبوط بألف ذراع وراح يضغط مجموعة من الأزرار بسرعة كبيرة  وانتزع الهاتف الذى كان بجانبى وأخذ يتكلم بسرعة رهيبة بلغة لم أفهم منها حرفا. إن الوغد يعرف كيف يبدو مهما وجادا بالفعل.

على الفور ظهرت مجموعة من النقاط الأخرى عى الشاشة من كل مكان، واستطعنا ان نميز أصوات الاشتباكات التى كانت تجرى على مقربة منا. الانفجارات والاهتزازات التى تصاحبها. *راتتتتتتتتا. كابوم*. وبدأت النقاط الأولى تتناثر على الشاشة، ثم تختفى بلا رجعة. لقد انتصرنا فى هذه المواجهة على الأقل. إن المحطة مازالت تعمل ولم تصب بأى أذى. لقد فشل الهجوم الأول فى هذا اليوم. لقد فاجأناهم تماما ويبدو أنهم لم يحسبوا حساب وجود أى مقاومة هنا.

لمس المشرف الشاشة بسرعة، و أخذ يتنقل بين الصفحات، وخمنت أنه يخزن معلومات عن الهجوم والاتجاهات التى جاء منها. طلبت منه أن يعلمنى ما يفعل فلم ينظر لى أصلا وذهب ليكمل جلسته المقيتة بزاوية الحجرة، يطالع الجريدة ويحتسى كوبا من الحبر الأسود.

مغتاظا نظرت إلى الشاشة مرة أخرى محاولا فك طلاسمها بنفسى. ظللت أقلب بين الصفحات المختلفة كما فعل، وأحاول أن أجد التقرير الذى سجله منذ لحظات لكنى فشلت تماما. لماذا لا يعلمنى هذا الوغد كيف أتصرف؟ هل سأظل هنا أقوم بدور اللطامة حتى يأتى هو وينقذ الموقف؟ هذا غير عملى بالمرة، وأنا أكره عدم الكفاءة. اللحظات التى يأخذها حتى يقوم من مكانه ويصل إلى الشاشة قد تكون حاسمة فى نجاح أو فشل صد الهجوم.

لكن لا أحد يفهم هذا الكلام هنا. من الواضح أن أحدا لن يواجه كومة اللحم الغاضبة هذه فى الوقت القريب. كل زملائى بجانبى لا يتكلمون ويفضلون التحديق اللامتناهى فى الشاشات التى أمامهم، ومن آن لأخر يمسك أحدهم بالهاتف ليحدث شخصا ما طالبا منه أن يفعل أمرا ما فى مكان ما. على الأقل هم يفهمون ما عليهم فعله، أما أنا فأظل جالسا كالأبله.

لم أجد وقتا أكثر للتفكير أو للشعور بالغيظ، لأن القذيفة التى هوت بجوار المبنى الذى نختبئ فيه لم تجعل هناك مجالا للشك بأننا كنا نحن المستهدفون هذه المرة. ارتجت الجدران بشدة وبدأ التراب يتساقط من السقف بشكل غزير. لا يبدو أن هذا المكان سوف يصمد كثيرا. وجائت القذيفة التالية لتطيح بجزء كبير من السقف ولتنكشف رؤوسنا للنجوم وللقذائف القادمة بلا أدنى حماية.


تحرك فظ البحر من كرسيه برشاقة لم أعتدها منه وتوقعت أن يصرخ بى موبخا لأنى لم أر الدبابة على الرادار قبل أن تقترب بما يكفى لإطلاق النار، لكن نظرة واحدة منه للشاشة أفهمته أن شيئا لم يكن هناك فعلا. هذه القذائف تسقط علينا من مكان بعيد جدا، وبهذه الدقة الامتناهية !. أمسك بالهاتف مرة أخرى وظل يزعق حتى برزت أوردة عنقه من تحت أكوام الشحم التى تغطيها. ظل يزعق حتى تكفلت القذيفة الثالثة بالمرجل الرئيسى فى محطة انتاج الكهرباء التى كنا من المفترض أن ندافع عنها، وسقط كل شيء فجأة فى السواد البهيم. توقفت الهواتف عن العمل. انطفأت كل الشاشات و صمتت موجات الراديو. ظلام وصمت جديران بالقبور. لم يعد أحدنا يرى أبعد من أرنبة أنفه.


مرت ساعتان ثم بدأ الهجوم مرة أخرى. هذه المرة لم تقدر قوات الدفاع المتمركزة فى المنطقة أن تفعل شيئا. صادوهم كالذباب. إن الأفضلية التى يمتلكونها هى أجهزة الرؤية الليلية. وهذه لا يمكنك مواجهتها بالشجاعة والجلد. لا يمكن مواجهة العلم إلا بالعلم. ولذلك لم يأخذ الأمر إلا دقائق معدودة. صرخات ترافق أصوات الانفجارات وزخات الرصاص. مازالت البندقية الآلية هى سلاح القتل المفضل منذ الحرب العالمية الأولى. قدرتها على حصد الأرواح ليس لها أى علاقة بقدرة مستخدمها على التصويب. لقد جعلت من أى أحمق آلة قتل عشوائية وفعالة.


عندما هدأ الرصاص أخيرا كنا نعلم أن عملية التمشيط ستتم فى أسرع وقت ممكن. وعندما هرع آخر جنديين مضرجين بدمائهما إلينا ليحتموا بنا عرفنا أن التمشيط لن يكون مطلوبا. لقد عرف الأوغاد مكاننا بالفعل. لقد تركوهما حيين وعرفوا أن البائسين سيهرعان رأسا إلى مكان يحتميان به. وقد كان. تسلحنا جميعا واستعددنا لاطلاق النار على أى شيء يتحرك. لقد اعتادت أعيننا الظلام بشكل لا بأس به، ولن نسقط قبل أن يأخذ كل منا واحدا منهم على الأقل.


وما أن أخذنا مواقعنا خلف النوافذ، حتى سقطت علينا قذيفة الدخان الأولى...


*راتتتتتتتتتا*


- انتهى الحلم.